التصنيف: السياسة والرأي
|
عاش الرئيس أبو اليزيد عبد المتعال
الفنانات بالزي العسكري في الشارع مع الجــماهير احتفالاً بالحركة المباركة. نظــيـف يعانق المــلازم أول تامــر عـبد النبي مؤكداً: أنا الذي أحبطـت مؤامرة التوريث. ســرور على رأس مسيرة مجلسَي الشعب والشورى التي تتجه اليوم نحو مركــز القـيادة لتأييد الثورة.
|
التعليق ولوحة الحوار (1) |
طباعة المقالة |
إرسل المقالة بالبريد الإلكتروني |
|
عنوان هذه الصفحة هو ما يلي. يمكنك نسخة ولصقه على رسائلك الإلكترونية أو صفحات الويب http://www.misrians.com/articles?362
|
عاش الرئيس أبو اليزيد عبد المتعال
سألني كـحكـوح الجـن الذي أقف أمام كشكه ـبصفة يومية تقريباًـ منذ عشرين عاماً أو أكثر: إيـه اللي بيجــرى فـي الـبــلـد ده سـيادتك يـا باشا! الدنـيـا اتشقلب حــالهـا فـي غـمـضـة عين! قلت، بينما أنا أدفع الأربعين جنيهاً ثمـن الجرائد المحلية أو الأجنبية التي استطعت ـوسط غــابة الأذرع المـمـدودةـ أن أنتزعها قبل أن تنفد: أنـا مـش باشا يـا جــن. عمري مـا كنت. فأعاد السؤال بنفس الصياغة مكتفياً بحذف اللقب. لكنه في المقابل كرر كـلمــة: سـيادتك من غــير لزوم ثلاث مــرات على الأقل. تمتمـت: قــال يـا خــبر بفــلوس! الرجل الجالس داخل الشــيروكــي الزرقــاء الميتاليك ينتظر نسخته من جميع الصحف المعروضة، علق مخــاطــباً البائع المــيت في جــلده من الرعب: حيكون إيـه يعني يـا كحكوح؟ انقــلاب عــسكــري زي اللي بنسـمــع عنهم في أفريقيا أو أسيا أو أمريكا الجنوبية. العــالم التالت كـــلـه كــده! النــاس تصـحـا الصــبـح تـلاقــي العـسـكـر باركين عـلى نفــســهم. تدخلت السيدة العجوز ذات الوجــه الفـرعـوني المــريح التي تتمشى مع كلبها في هذا الشارع كــل مـسـاء: طـب يـا ريت بس يبقــى زي بـتـاع موريتانيا!
وعلى مقربة من الباب الزجاجي بالكافتريا التي كـوب الشـاي فيها بخمسة جنيهات،قـرأت على صدر الصفحة الأولى بالأهرام: المـقـدم أبو اليزيد عبد المتعال رئيساً مؤقتاً بالتزكية. قادة الأسلحة انتخبوه بالإجماع. الفــتـرة الانتقـالية لن تستمر يوماً واحداً بعد 2012. المفتي: خلع الحاكم المســتبد فــرض عــين على كـل مسلم. الفنانات بالزي العسكري في الشارع مع الجــماهير احتفالاً بالحركة المباركة. الرائد شــوقــي محمدين يحذر: مجلس قـيادة الثـورة سيضرب بيد من حديد كــل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر. لجنة السـياسـات ترشح مدير نادي الضــباط بالجلاء أميناً عاماً لها. المجموعة الاقتصادية في بيانها إلى الأمة: إعادة شراء القطاع العام هدفنا القادم. نظــيـف يعانق المــلازم أول تامــر عـبد النبي مؤكداً: أنا الذي أحبطـت مؤامرة التوريث. ســرور على رأس مسيرة مجلسَي الشعب والشورى التي تتجه اليوم نحو مركــز القـيادة لتأييد الثورة. مذيعات التليفزيون أطلقن الزغاريد أثناء نشرات الأخبار. بعضهن عبر عن الفرحة بالرقص عــشــرة بلدي على الهواء مباشرة. زقزوق لشباب الأئمة المعينين حديثاً: الأوقاف لن تعترض إذا دعا خطباء الجمعة على الظالمين من على المنابر. الشــاذلي يطالب بفتح ملفات الفساد. أقطاب المعــارضة من جميع ألوان الطيف السياسي يتسابقون في تهنئة الشعب المصري على زعامته الجديدة. أنـس الفقي في مــؤتمــر حمــاســي ضم العاملين بماسبيرو: جاهزون بمئات الأناشــيد التي أبدعها كبار الشعراء والملحنين من وحي اللحظة الخالدة. مرتضى مــنصــور من محــبسه: انتهى عصر الهـيمـنة الأهلاوية. الإخوان يخرجون بالآلاف من المساجد رافعين المـصـاحف والسيوف، وهم يهتفون: بالروح! بالدم! نفديك يا أبا اليزيد! رؤساء تحرير الصحف القومية يغنون خلف النقــيب طه الســيد: دقــت سـاعــة العـمل الـثــوري! نواب التجنيد على استعداد للبدء في أداء الخدمة العسكرية من الغد. عائشة عبد الهادي تعلن: عمال مصر يبايعون الرئيس عبد المتعال. فاروق حسني في افتتاح معرضه السنوي بدار الأوبرا: ثقافة تأليه الدكتاتور أو الطرمخــة على الجرائم لا مكان لها بيننا من الآن فصاعداً. آثارنا المهربة لا بد أن تعود. العادلي يفضح الممارسات القمعية في العهد البائد: لولاي لكان مـصير متظاهري كــفـاية الحـصــد في وضح النهار بالرشاشات. تحت يدي ما يثبت أن الطاغية كان مختلاً عقلياً. مفيد شهاب: حماية الجيش لمصر من الأخطار الخارجية أو الداخــلية جــائز دستورياً.
بينما أنا عــائـد إلى البيت آخــر السهرة، اعترض طريقي في الظلام أبـو رجــل مسلوخة، طالعاً من مغــلق الخشب الذي احترق في مـوسـم الجرد الماضي. عيناه تقدحان بالشرر كفوهتَي بركان. وعلى الجسد المشــعر كالغوريلا، التصقت كتل الذباب الميت بأكداس اللحم العاري تماماً من الجلد، كأنه غـافـل الحراس لتوه كي يهرب من المدبغة. كان بالضبط كما اعتـدت أن أراه طفلاً في الكوابيس. استجمعـت شجاعتي لأقول: أنا المفروض خلاص مـا بقــيـتش صــغــير. إنـت بأي حــق بتطــلع لي لحــد دلوقت؟ أخذ يسير في اتجاهي ببطء متأرجحاً على ساقه المتورمة التي تقطر دماً بني اللون،وقد راح يغمغم بنبرة متوعدة: عـشـان لسـة بتخــاف.
الدكتور أحمد يونس
|
|
نشــرها [عزت هلال] بتــاريخ: [2007/06/13]
|
إجمالي القــراءات: [299] حـتى تــاريخ [2019/12/08] التقييم: [100%] المشاركين: [2]
|
الآراء والأفكار والإبداعات المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها وهو المسئول الوحيد عنها وليس بالضرورة أن تتوافق مع موقف إدارة الموقع. من حق أعضاء الموقع التعليق عليها ونقدها ولكي ترفع من الموقع يجب أن يقل تقييم عدد من القراء لا يقل عن 250 قارئ عن 25%. |
|
|