المطالبة بإلغاء خانة الديانة يتنافى مع حرية الاعتقاد رغم أني أريد تجنب أي سبب لإثارة الحساسيات والغضب بين المصريين المسلمين والمسيحيين فإنى لم أشعر بالإرتياح لفكرة إلغاء خانة الديانة فى تحقيق الشخصية ورأيت أن الموضوع يثير مسائل أبعد وأعمق مما قد يبدو على السطح مما قد يجعل من المفيد استمرار الكلام فيه. نحن في عصر يتسم بإلغاء التميز ومحو الفوارق باسم المساواة مرة أو باسم التقريب بين الناس أو باسم التسامح الديني.. إلخ ، ولكن أشعر منذ فترة طويلة ان هذا الاتجاه قد تجاوز المدى المرغوب فيه وهذا الشعور هو نفسه الذي جعلني أفضل الإبقاء على المادة الثانية من الدستور "التي تنص على ان الإسلام هو الدين الرسمي للدولة واللغة العربية لغتها الرسمية" ومصدر هذا الشعور أنني لا أعتقد أن التسامح مع الغير يتطلب معاملة المرء لنفسه معاملة سيئة. نعم انا احترم المسيحي وأحبه ولكن هذا لا يتطلب ان أنكر إني مسلم بل إني اطلب من المسيحي ليس فقط أن يحترمني ويحبني بل وأيضا ألا يخفي أنه مسيحي وألا يبخل على بأن أعلن أنى مسلم.
الدعوة إلى المساواة في العصر الحديث كثيرا ما تبدو في صورة وابور زلط جاءوا به ليمشي فوق خلق الله جميعا ليساوى بينهم فإذا به لم يكتف بالتسوية بين الناس بل قضى عليهم جميعا.
نفس الشيء حدث "ويحدث أكثر فأكثر" في المجتمعات «المتقدمة » التي أرادت باسم المساواة بين الرجل والمرأة التخلي شيئا فشيئا عما يميز أحدهما عن الآخر : في الملابس وقص الشعر وطريقة التخاطب .. إلخ ، فهل يمثل هذا حقا تقدما في مجال "التسامح مع الغير" أم تأخرا نحو المزيد من "نفي الذات" ؟
وهل يا ترى ستكون الخطوة القادمة إذا ألغينا خانة الديانة ، أن نطالب الناس بألا يسموا أولادهم أحمد أو محمدا أو فاطمة حرصا على مشاعر المسيحيين وألا يسمى المسيحيون أولادهم مرقصا أو حنا منعا لتميزهم عن المسلمين ؟
|