اللعبة المفقوسة التوريث بالتعديلات الدستورية بقلم :محمد حماد الرئيس مبارك هو الوحيد من شعب مصر الذي يرفض تعديل المادة 77 من الدستور، ومشكلة الرئيس مع هذه المادة أنه يفترض " أن الشعب يمكن أن يطالب باستمرار هذا الرئيس أو ذاك لأكثر من مدتين متتاليتين"، وأقول للرئيس المشكلة ليست هنا، فطبيعي إذا طالب الشعب ببقاء هذا الرئيس أو ذاك فهو يستأهل ما يجرى له، ولكن المشكلة أن الشعب لا يطالب باستمرار الرئيس، ومع ذلك وكما تعلم سيادتك يبقى الرئيس سواء رضي الشعب أم سخط، يستمر الرئيس بالبوليس ويبقى بالقهر، ويجدد له بدل الدورتين خمس دورات بسلطة الدولة، وغالبا ما يستمر الرئيس ليس بناء على طلب الشعب، لأنه لا يوجد شعب يريد أن يستمر كائنا من كان في حكمه مثلاً لربع قرن إلا إذا كان الشعب مصاب بلوثة عقلية أو تنتابه رغبة جامحة في تعذيب الذات.! الشعب يا سيدي لا يحب من يضحك عليه، واللعبة صارت مكشوفة لأصغر عيل في أبعد نجع، وأسأل بنفسك من تثق فيهم، واستعن بصديق لتعرف أن اللعبة ليست مكشوفة فقط، ولكنها مفقوسة من أول يوم ظهر فيه أخونا جمال على مسرح الأحداث، لم يصدق الناس ولا البلهاء بمن فيهم أعضاء حزبك، ويمكنك أن تسألهم جميعاً بعد أن تعطيهم الأمان فسيقولون لك: اللعبة مفقوسة فعلاً، وأن العالم كله يعرف أن المطلوب هو التوريث، وأن ترك المدد بلا تحديد هو بمثابة فترة رئاسية مفتوحة لنجلكم، وأن كل ما يجري من ألاعيب في الدستور، هو مجرد تهيئة للأجواء لهبوط هذا النجل بسلام على أرض المقر الرئاسي.! الشعب لا يهمه كثيراً إن كان الدستور يسمح لنجلكم بأن يعتلي سدة الرئاسة أو لا يسمح، ولا يهتم بأن تجري عملية انتخاب الرئيس القادم بين أكثر من مرشح جرى الاتفاق معهم من الآن على تمثيل دور المرشحين أمام نجلك، وأستطيع أن أقول لك على أسماء ثلاثة منهم على الأقل، وهم الثلاثة الذين وعدوا بشرف الترشيح ليبدو الأمر ديمقراطيا، وليتم التوريث بالانتخاب، لأن هذا الشعب الغلبان يعرف أن الموضوع لن يخرج عن كونه توريث صريح للسلطة، حتى لو كان المختارون لمنافسة الوريث ألف مرشح من مرشحي السيكو سيكو، الذين يعرفون أنهم مرشحين كده وكده، هم فقط يتوقعون أن يكون لهم من كعكة التركة التي ستورث نصيب معلوم ومتفق عليه.! الشعب لن يهمه ما سيجري من ألاعيب متقنة أو حتى فجة، وهو لن يوافق على أن يكون مادة للتوريث، أو يكون بعض التركة المورثة حتى لو تغير الدستور كله، وليس 34 مادة، وحتى لو كانت المادة الأولى فيه تنص صراحة على أن يتولى المواطن جمال محمد حسني مبارك الرئاسة (بعد عمر طويل طبعا) خلفاً لأبيه.! ماذا يفيد هذا النص الدستوري جداً لو أن الناس متأكدة من أن العملية هي توريث الرئاسة، وأن المطلوب هو أن يكون الحكم وراثياً يتناوب الأنجال عليه ويتداول بين أعضاء العائلة الحاكمة.! أسأل ضميرك، وأخاطب فيك المصري الذي خرج من صفوف هذا الشعب: هل تتوقع أن الناس تصدق اللعبة، أو أنهم سيرضون بأن يورثوا كالمتاع الرخيص للوريث الذي لم يعرف يوماً أحوال الناس كما عرفتهم أنت، أو أي من الرؤساء الذين سبقوك؟ الناس الذي يحشرون كل يوم في المواصلات العامة يعرفون أن السيد نجلك يركب الطائرات الخاصة، والناس الذين يكملون الشهر بالعافية يعرفون أن المرشح لوراثتهم من أصحاب الملايين وهو كان من أصحاب الشركات الكبيرة ولم يكن عمره يتجاوز الثلاثين.! كيف يرضى الغلابة برئيس لم يكن في يوم من الأيام منهم، ألا تجازف سيدي الرئيس بولدك وأنت تدفع به إلى ما لا تعرف عاقبته، وربما لن تعرف، لأنه لن يتولى الرئاسة إلا خلفا لك بعد عمر طويل؟! أقول لك يا سيدي إن هذا الشعب يمكن الضحك عليه مرة، ولكن لا يمكن الضحك عليه مائة مرة، ويمكن قهره لبعض الوقت، ولو طال، ولكن لا ضمان لسكوته طول الوقت، وأحلف لك بالله العظيم ثلاث مرات أن الناس تعرف أن مطالبهم بالإصلاح تحولت بقدرة قادر وبإعداد من معدين يتخفون في الظلام لكي تصب في خانة التوريث والتحضير لرئاسة طويلة لا تخرج من بيت العائلة.! والخوف كل الخوف من الناس إذا كانوا فاقسين اللعبة، وخاصة أن اللعبة مفقوسة أمام أعيل عيل في بلدنا.! اللهم هل بلغت... اللهم فاشهد..
|